بيروتُ معذرة..لله شَكوانا
العلاّمة السيّد علي الأمين
آيار 2008
بيروتُ معذرةً، قد جئتُ أعتــــــــــــــــذرُ
|
إن كان عذرٌ لمنْ قَدْ رامَ يعتـــــــــــــــذرُ
|
إنّي أقرُّ بذنبٍ لا يفارقُنــــــــــــــــــــــــــي
|
وخْزُ الضَّــميــــــــر وصدري كاد ينفجــــرُ
|
أوزارُهُ أَثْقلتْ ظهري وما بــَـــــــــرِحَــتْ
|
نيرانُه في الحشى تَغلي و تَسْتــــــــــعــرُ
|
غيري جَنَاهُ و لكن ما يُعذّبــنــــي الْـــــــ
|
ـمَظلومُ ليس لهُ حـامٍ و مُنتصِــــــــــــــــــرُ
|
والحرُّ لا يرتضي ظُـلمَ البـــــريء و إنْ
|
قـــام الشّـــقـــيقُ بـــهِ و النّاسكُ الوَقُـــــرُ
|
خابَتْ ظنوني بمنْ قد كُنتُ أَحسـَبُـهمْ
|
لا يَــظلِمونَ ذَوِي الْقُربى إذا اْقْـتَــدَرُوا
|
ما صَدَّقَتْ أُذُنِي أنبــــــــاءَ ما فَعَلُـــــــــوا
|
لولا العَيَانُ لقلنا يكذِبُ الخبــــــــــــــــــــرُ
|
لم تقوَ نفسي على كِتمان ما اقْترَفــــــوا
|
وكيـــْـــــــــف تَكتُمُ أمراً ليـــس يستتِـــــــرُ
|
بيروتُ يا نجمةً في الشرق ساطعــــــــــةً
|
صــاح الغُرابُ بـها و اجـتاحـها الخـطـــرُ
|
هبّتْ عليها من الغوْغاء عاصــفــــــــــــــةٌ
|
هوجاءُ لم يـنـجُ منـها النّـاسُ و الحجـــرُ
|
قد حاولوا عنوةً إطفاء شعلتــــــــــــــــــها
|
لم تنطفئْ شعلةٌ بالحقّ تَعْـتَــــــــــــــــــمرُ
|
بيروتُ عاصمةُ الأنوار إن كُسِفَــــــــــت
|
زال الكســـوف وعــــاد النُّــــــور يزدهـــــرُ
|
(وفي الـــسّمــــاءِ نجومٌ لا عِــدادَ لهــــــا
|
وليــــــس يُكســـَفُ إلاّ الشمسُ والقمـــرُ)
|
أرى الكســـوفَ ظلاماً لا قــرارَ لـــــــــهُ
|
يــــمضي حـثـــيثــاً ولا يبقى له أثــــــــــرُ
|
هذي الحقيقةُ في الأفلاك نشــــهدُهــــا
|
تـُـــعطـــي الدّليلَ بأنّ اللّيل يندثــــــــــرُ
|
بيروتُ ستٌّ لدنـيـانـا و ســــــــــــــيّــــــدةٌ
|
ما أدركتْ قَدْرَهَا الأحزابُ والزُّمـــــــرُ
|
بالأمسِ كانتْ لهمْ أمّاً كما زعمـــــــــــوا
|
يا ويحهمْ! بحقوقِ الأمّ قد كفـــــــــــرُوا
|
نادتهُمُ الأمُّ أنْ لا تقطعـــــوا رحمـــــــي
|
نـــارُ القطيعةِ لا تُبقي و لا تـَــــــــــــذَرُ
|
حلَّ الغرورُ بهم و العُجْبُ خالَطَـهُــــــمْ
|
و النّـفـسُ يفسِدُها الإعجابُ و الغَـرَرُ
|
صُمَّتْ عنِ النُّصحِ آذانٌ لهم ومضـــــــوا
|
لم يُثْنِهِمْ عن أذاها الدِّينُ والْخَفَـــــــــــرُ
|
شرُّ الذنوبِ عُقوقُ الأمّ لــــــو عَلِـــــمــوا
|
إنَّ العُقُـوقَ لَذَنْبٌ ليس يُغْتَـــــــــــــــــفَـرُ
|
يا منكراً فضل بيروتٍ عليكَ أَفِــــــــــقْ:
|
أَلْبدْوُ تعرفُ ما أَنْكَرْتَ و الحَضَــــــــــــرُ
|
إنْ يجهلوا قَدْرَهَا السّامي فلا عجـــــبٌ
|
فـالنّورُ يعرِفُهُ مَنْ عندهُ بصـــــــــــــــــــرُ
|
بيروتُ ما خَضَعَتْ يوماً لغازيــــــــــــــــــةٍ
|
إكليلُها الغارُ و التّيجان ُ و الظّفــــــــــرُ
|
بيروت إن تصبري فالصّابرون لهـــــــــم
|
أجرٌ من الله أضعافاً إذا صبـــــــــــــــــــروا
|
بيروتُ إنْ تصفحي فالصّفحُ مكرمـــــــةٌ
|
أو تَغْفِري زللاً : (طوبى لمن غفــرُوا)
|
تفجَّر الحزنُ يا بيروتُ قافيـــــــــــــــــــــةً
|
من مهجتي وُلدت أبياتـٌــــــــــــــــــها الدُّررُ
|
وجّهت فيها لمن آذاك تــــذكـــــــــرة
|
تبقى تُذكّرهم بالحقّ إن ذكـــــــــــــــروا
|
فيها لهم عظةُ الآتي إذا اتّـــعظــــــوا
|
وقد حوت عبرَ الماضي إذا اعتـبـروا
|
أبغي بها صلةَ القُربى وإن قطعـــــــــوا
|
حبلَ القرابةِ و الأرحامَ قدْ هَجَــــــــــــرُوا
|
أنت الكـريـــــمة في أهلٍ وفي حسبٍ
|
مِنَ الكريمِ جميلُ الصَّفحِ يُـنـْتَـــــــــــــظَـرُ
|
لا ترفضي طلباً ممّن بكاك دمـــــــــــــــاً
|
وَهْوَ الَّذي نالهُ من جـورِهِمْ قـَـــــــــدَرُ
|
بيروتُ دعوتـُنـــــــا لله نرفعهــــــــــــــــــا
وفي الختـــــام له نشكو ظُلامَـتَـــــنــا
|
( يا كاشفَ الضرِّ قد أزْرَى بنا الضّــرَرُ )
فليس إلاّه للمظلوم ينتصـــــــــــــــرُ
|


ما رأيك بالموضوع !